معنى تسميت العاطس الوارد في الأحاديث؟
تَسْمِيْتُ العاطس معناه الدعاء له بالهداية إلى السَّمْتِ الحسن.
و السَّمْتُ : عبارة عن الحالة التي يكون عليها الإنسان من السكينة و الوقار و حسن السيرة و الطريقة و استقامة المنظر و الهيئة.
و منه السَّمْتُ الصالح جزءٌ من خمسة و عشرين جزءاً من النبوة.
و يقال فلان حسن السمت و الهدي : أي حَسَنُ المذهب في الأمور كلها.
قال الجوهري : التسميت بالسين المهملة و بالشين المعجمة ( التَشْميت ) أيضا : الدعاء للعاطس ، مثل يرحمك الله.
و قال تغلب نقلا عنه : و الاختيار بالسين لأنه مأخوذ من السمت و القصد [1] ، و قال أبو عبيدة بالشين المعجمة [2] .
أحكام تسميت العاطس:
يُستحب للعاطس و لمن سمع عطسة الغير أن يحمد الله و يصلي على النبي و آله، كما يستحب تسميت العاطس بأن يقال له: يرحمك الله، أو يرحمكم الله، فيرد عليه العاطس: يغفر الله لك.
قَالَ أبو بصير قُلْتُ لَهُ ـ أي للإمام جعفر بن محمد الصادق ( عليه السَّلام ) ـ: أَسْمَعُ الْعَطْسَةَ وَ أَنَا فِي الصَّلَاةِ فَأَحْمَدُ اللَّهَ وَ أُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ ( صلى الله عليه و آله )؟
قَالَ: "نَعَمْ، وَ إِذَا عَطَسَ أَخُوكَ وَ أَنْتَ فِي الصَّلَاةِ فَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَ صَلِّ عَلَى النَّبِيِّ، وَ إِنْ كَانَ بَيْنَكَ وَ بَيْنَ صَاحِبِكَ الْيَمُّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ" [3] .
من آداب تسميت العاطس:
عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَحْيَى، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ الرِّضَا ( عليه السَّلام ) فَعَطَسَ.
فَقُلْتُ لَهُ: صَلَّى اللَّهُ عَلَيْكَ.
ثُمَّ عَطَسَ، فَقُلْتُ: صَلَّى اللَّهُ عَلَيْكَ.
ثُمَّ عَطَسَ، فَقُلْتُ: صَلَّى اللَّهُ عَلَيْكَ، وَ قُلْتُ لَهُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ إِذَا عَطَسَ مِثْلُكَ نَقُولُ لَهُ كَمَا يَقُولُ بَعْضُنَا لِبَعْضٍ يَرْحَمُكَ اللَّهُ، أَوْ كَمَا نَقُولُ؟
قَالَ: "نَعَمْ، أَ لَيْسَ تَقُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ"؟
قُلْتُ: بَلَى.
قَالَ: "ارْحَمْ مُحَمَّداً وَ آلَ مُحَمَّدٍ".
قَالَ: "بَلَى، وَ قَدْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ رَحِمَهُ، وَ إِنَّمَا صَلَوَاتُنَا عَلَيْهِ رَحْمَةٌ لَنَا وَ قُرْبَةٌ" [4] .
وَ عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ [5] ( عليه السَّلام ) فَأَحْصَيْتُ فِي الْبَيْتِ أَرْبَعَةَ عَشَرَ رَجُلًا، فَعَطَسَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ( عليه السَّلام ) فَمَا تَكَلَّمَ أَحَدٌ مِنَ الْقَوْمِ.
فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ( عليه السَّلام ): "أَ لَا تُسَمِّتُونَ؟! أَ لَا تُسَمِّتُونَ؟! مِنْ حَقِّ الْمُؤْمِنِ عَلَى الْمُؤْمِنِ إِذَا مَرِضَ أَنْ يَعُودَهُ، وَ إِذَا مَاتَ أَنْ يَشْهَدَ جَنَازَتَهُ، وَ إِذَا عَطَسَ أَنْ يُسَمِّتَهُ ـ أَوْ قَالَ يُشَمِّتَهُ ـ وَ إِذَا دَعَاهُ أَنْ يُجِيبَهُ" [6] .
وَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَعْفُورٍ، قَالَ: حَضَرْتُ مَجْلِسَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ( عليه السَّلام ) إِذْ عَطَسَ رَجُلٌ فِي مَجْلِسِهِ.
فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ( عليه السَّلام ): "رَحِمَكَ اللَّهُ".
قَالُوا: آمِينَ.
فَعَطَسَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ( عليه السَّلام ) فَخَجِلُوا وَ لَمْ يُحْسِنُوا أَنْ يَرُدُّوا عَلَيْهِ.
قَالَ: "فَقُولُوا أَعْلَى اللَّهُ ذِكْرَكَ".
قَالَ: "وَ إِذَا أَرَادَ تَسْمِيتَ الْمُؤْمِنِ فَلْيَقُلْ يَرْحَمُكَ اللَّهُ، وَ لِلْمَرْأَةِ عَافَاكِ اللَّهُ، وَ لِلصَّبِيِّ زَرَعَكَ اللَّهُ، وَ لِلْمَرِيضِ شَفَاكَ اللَّهُ، وَ لِلذِّمِّيِّ هَدَاكَ اللَّهُ، وَ لِلنَّبِيِّ وَ الْإِمَامِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْكَ، وَ إِذَا سَمَّتَهُ غَيْرُهُ فَلْيَقُلْ يَغْفِرُ اللَّهُ لَنَا وَ لَكُمْ أَيْضاً" [7] .
وَ رُوِيَ عن الإمام جعفر بن محمد الصادق ( عليه السَّلام ) أنهُ قَالَ: "ثَلَاثَةٌ تُرَدُّ عَلَيْهِمْ رَدَّ الْجَمَاعَةِ وَ إِنْ كَانَ وَاحِداً، عِنْدَ الْعُطَاسِ يُقَالُ يَرْحَمُكُمُ اللَّهُ وَ إِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ غَيْرُهُ، وَ الرَّجُلُ يُسَلِّمُ عَلَى الرَّجُلِ فَيَقُولُ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ، وَ الرَّجُلُ يَدْعُو لِلرَّجُلِ فَيَقُولُ عَافَاكُمُ اللَّهُ وَ إِنْ كَانَ وَاحِداً فَإِنَّ مَعَهُ غَيْرَهُ" [8] .
العطسة شهادة:
رُوِيَ عن الإمام جعفر بن محمد الصادق ( عليه السَّلام ) أنهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ( صلى الله عليه و آله ): "إِذَا كَانَ الرَّجُلُ يَتَحَدَّثُ بِحَدِيثٍ فَعَطَسَ عَاطِسٌ فَهُوَ شَاهِدُ حَقٍّ" [9] .
وَ رُوِيَ عن النبي ( صلى الله عليه و آله ) أنهُ قَالَ: "تَصْدِيقُ الْحَدِيثِ عِنْدَ الْعُطَاسِ" [10] .
عطسة آدم ( عليه السَّلام ):
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ( صلى الله عليه و آله ): "لَمَّا أَنْ خَلَقَ اللَّهُ تَعَالَى آدَمَ وَقَّفَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَعَطَسَ، فَأَلْهَمَهُ اللَّهُ أَنْ حَمِدَهُ.
فَقَالَ: يَا آدَمُ أَ حَمِدْتَنِي فَوَ عِزَّتِي وَ جَلَالِي لَوْ لَا عَبْدَانِ أُرِيدُ أَنْ أَخْلُقَهُمَا فِي آخِرِ الزَّمَانِ مَا خَلَقْتُكَ.
قَالَ آدَمُ: يَا رَبِّ بِقَدْرِهِمْ عِنْدَكَ مَا اسْمُهُمْ؟
فَقَالَ تَعَالَى: يَا آدَمُ انْظُرْ نَحْوَ الْعَرْشِ فَإِذَا بِسَطْرَيْنِ مِنْ نُورٍ، أَوَّلُ السَّطْرِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مُحَمَّدٌ نَبِيُّ الرَّحْمَةِ وَ عَلِيٌّ مِفْتَاحُ الْجَنَّةِ، وَ السَّطْرُ الثَّانِي آلَيْتُ عَلَى نَفْسِي أَنْ أَرْحَمَ مَنْ وَالَاهُمَا وَ أُعَذِّبَ مَنْ عَادَاهُمَا" [11] .
من فوائد العطسة:
رُوِيَ عن النبي ( صلى الله عليه و آله ) أنهُ قَالَ: "الْعُطَاسُ لِلْمَرِيضِ دَلِيلٌ عَلَى الْعَافِيَةِ وَ رَاحَةُ الْبَدَنِ" [12] .
وَ عَنْ نَسِيمٍ خَادِمِ أَبِي مُحَمَّدٍ ( عليه السَّلام ) قَالَتْ: قَالَ لِي صَاحِبُ الزَّمَانِ ( عليه السَّلام ) ـ وَ قَدْ دَخَلْتُ عَلَيْهِ بَعْدَ مَوْلِدِهِ بِلَيْلَةٍ فَعَطَسْتُ عِنْدَهُ فَقَالَ لِي ـ : "يَرْحَمُكِ اللَّهُ"، فَفَرِحْتُ بِذَلِكَ.
فَقَالَ لِي: "أَ لَا أُبَشِّرُكِ فِي الْعُطَاسِ"؟
قُلْتُ: بَلَى.
فَقَالَ: "هُوَ أَمَانٌ مِنَ الْمَوْتِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ" [13] .
رُوِيَ عن الإمام جعفر بن محمد الصادق ( عليه السَّلام ) أنهُ قَالَ: "كَثْرَةُ الْعُطَاسِ يَأْمَنُ صَاحِبَهُ مِنْ خَمْسَةِ أَشْيَاءَ:
أَوَّلُهَا: الْجُذَامُ.
وَ الثَّانِي: الرِّيحُ الْخَبِيثَةُ الَّتِي تَنْزِلُ فِي الرَّأْسِ وَ الْوَجْهِ.
وَ الثَّالِثُ: يَأْمَنُ مِنْ نُزُولِ الْمَاءِ فِي الْعَيْنِ.
وَ الرَّابِعُ: يَأْمَنُ مِنْ شِدَّةِ الْخَيَاشِيمِ.
وَ الْخَامِسُ: يَأْمَنُ مِنْ خُرُوجِ الشَّعْرِ فِي الْعَيْنِ".
قَالَ ( عليه السَّلام ): "وَ إِنْ أَحْبَبْتَ أَنْ تُقِلَّ عُطَاسَكَ فَاسْتَعِطْ بِدُهْنِ الْمَرْزَنْجُوشِ" [14] .
قُلْتُ: مِقْدَارِ كَمْ؟
قَالَ: "مِقْدَارِ دَانِقٍ" [15] .
قَالَ: فَفَعَلْتُ ذَلِكَ خَمْسَةَ أَيَّامٍ فَذَهَبَ عَنِّي" [16] .
وَ رُوِيَ عن الإمام جعفر بن محمد الصادق ( عليه السَّلام ) أنهُ قَالَ: قال رسول الله ( صلى الله عليه و آله ): "إِذَا عَطَسَ الْمَرْءُ الْمُسْلِمُ ثُمَّ سَكَتَ لِعِلَّةٍ تَكُونُ بِهِ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ عَنْهُ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، فَإِنْ قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكَ".
قَالَ: وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ( صلى الله عليه و آله ): "الْعُطَاسُ لِلْمَرِيضِ دَلِيلُ الْعَافِيَةِ وَ رَاحَةٌ لِلْبَدَنِ" [17] .
وَ رُوِيَ عن الإمام جعفر بن محمد الصادق ( عليه السَّلام ) أنهُ قَالَ: "الْعُطَاسُ يَنْفَعُ فِي الْبَدَنِ كُلِّهِ مَا لَمْ يَزِدْ عَلَى الثَّلَاثِ، فَإِذَا زَادَ عَلَى الثَّلَاثِ فَهُوَ دَاءٌ وَ سُقْمٌ" [18] .
العطسة القبيحة:
عَنْ أَبِي بَكْرٍ الْحَضْرَمِيِّ قَالَ سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ [19] ( عليه السَّلام ) عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: ﴿ ... إِنَّ أَنكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ ﴾ [20] قَالَ: "الْعَطْسَةُ الْقَبِيحَةُ" [21] .
وَ رُوِيَ عن الإمام جعفر بن محمد الصادق ( عليه السَّلام ) أنهُ قَالَ: "هي العطسة المرتفعة القبيحة، و الرجل صوته بالحديث رفعا قبيحاً، إلا أن يكون داعيا أو يقرأ القرآن