اياكم والجفاء .....الجفاء من سوء الخلق
إن الجفاءصفة ذميمة و مظهر من مظاهرسوءالخلق، يورث التفرق و الوحشة بين الناس و يقطع ما أمر الله به أن يوصل.فكم من بيت تخرب و أسرة تهدمت بسببه وكم من جفوة و نفرة بين الأحبة حدثت بسبب غلظة الطبع والخرق في المعاملة و ترك الرفق في الأموروالجفاء قد يكون طبعا و قد يكون تطبعا و كلاهما سيئ، و المؤمن الحق يتدارك نفسه بالبعد عن أسبابه و صوره .و في الحديث: " من بدا جفا " [ رواه أحمد و الترمذي و قال حسن صحيح ] , أي من سكن البادية غلظ طبعه .و عن ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم قال: " الإيمان ها هنا- و أشار إلى اليمن- والجفاءو غلظ القلوب في القدّادين ( المكثرون من الإبل) عند أصول أذناب الإبل من حيث يطلع قرنا الشيطان ربيعه و مضر" [ رواه البخاري و مسلم ] . وعن أبي بكر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: " الحياء من الإيمان ، والإيمان في الجنة ، و البذاء م الجفاء وا الجفاءفي النار". [ رواه الترمذي و ابن ماجة، و قال: حسن صحيح ] .
القرآن يذم الجفاءو قد وردت النصوص تذم الجفاءو تنفر منه .قال تعالى: (فبما رحمة من الله لنت لهم و لو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك)فلولا إذ جاءهم بأسنا تضرعوا و لكن قست قلوبهم و زين لهم الشيطان ما كانوا يعملون [ الأنعام:43 ]. وقال: أفمن شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه فويل للقاسية قلوبهم من ذكر الله أولئك في ضلال مبين[ الزمر:22 ] . و قال جل و علا: ألميأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله و ما نزل من الحق و لا يكونواكالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم و كثير منهمفاسقون[ الحديد:16 ]:والسنة تنهى عن الجفاءوكما ورد ذم الجفاءفي القرآن الكريم فقد ورد النهي عنه في السنة المطهرة .فعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: " إن من إجلال الله تعالى إكرام ذي الشيبة المسلم و حامل القرآن غير الغالي فيه و الجافي عنه و إكرام ذي السلطان المقسط". [ رواه أبو داود وحسنه الألباني ] . وقد ورد في أخبار الساعة: " وإذا كانت العُراة الحُفاة الجُفاة رؤوس الناس فذاك من أشراطها..." . [ الحديث ، رواه أحمد و البخاري و مسلم ] .وعن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه و سلم: " قال أبغض الرجال إلى الله الألد الخصم". [ رواه البخاري و مسلم ] . و الألد الخصم هو الذي يفجر في خصومته .وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لا تهجّروا( أي لا تتكلموا بالكلام القبيح) و لا تدابروا، ولا تجسسوا، و لا بيع بعضكم على بيع بعض، و كونوا عباد الله إخوانا". [ رواه مسلم ] .وعن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال: " لا يحل لرجل أن يهجر أخاه فوق ثلاثِ ليالٍ ، يلتقيان فيُعْرِضُ هذا و يُعْرِضُ هذا ، و خيرُهُما الذي يبدأ بالسلام". [ رواه البخاري و مسلم ] وهذا الذي نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم لا شك مظهر من مظاهر الجفاء. وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم:" لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث، فمن هجر فمات دخل النار". [ رواه أبو داوود و صححه الألباني ] .عن أبي خراش السلمي رضي الله عنه ـ أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " من هجر أخاه سنة فهو كسفك دمه ". [ رواه أبو داوود وصححه الألباني ].وعن سهل بن سعد ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: " المؤمن مَأْلَفَةٌ (يعني يألف الناس ويألفونه)، و لا خير فيمن لا يألف ولالف". [ رواه أحمد، و قال الألباني :صحيح على شرط مسلم ] .وبالجملة فالجفاء و الغلظة يبغضها الله عز وجل والملائكة والناس أجمعون.وعلى المؤمن .. أن يتخلىعن العنف والقسوة والعبوس والطيش وسوء المعاملة وعقوق الوالدين وسوء الظن, وأن يتحلىبمعاني الرفق و الرحمة والبر والعطف و الحلم .فالتخلية قبل التحلية، و أن يجاهد نفسه في التباعد عن أسباب العنف و صوره .قال تعالى:قد أفلح من زكاها و قد خاب من دساهاو الذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا و إن الله لمع المحسنين[و على العبد أن يجأر إلى الله بالدعاء عساه يرزقه حسن التأسي بنبيه صلى الله عليه و سلم ..فقد كان ألين الناس ضحاكا بساما يصل الرحم ويحمل الكل و يكسب المعدوم و يقري الضيف و يعين على نوائب الحق.و من كان كذلك لا يخزيه الله أبدا كما قالت أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها. أخوة الإيمان ..لنتخلق بأخلاق المؤمنين، فالمؤمن هين لين سهل ذلول منقاد للحق يألف ولف و لا خير في الجافي الغليظ الذي لا يألف و لاوالف لا